يجب ان نقر جميعا بانه اذا اردنا ان نعرف مايجري في العراق فلابد لنا ان نلم بمايدور في امريكا وكذلك الحال ينسحب على كل العالم ، فلقد اصبح العالم رقعة شطرنج تدار من البيت الابيض ومانحن الا مربع ضمن مربعات هذه الرقعة تحرك الولايات المتحدة فرسانها وبيادقها كيف شاءت على طول وعرض العالم ، ولايخفى على احد ان الانتخابات التشريعية النصفية للكونغرس الامريكي والتي جرت في السابع من هذا الشهر حملت معها تغيرات في اركان البيت الامريكي والمطلع والمتابع لشؤون السياسة الامريكية لم يتفاجا بما حدث فلقد كانت مجريات الامور من النوع المتوقع خصوصا في ظل السياسة التي انتهجها البيت الابيض في الحرب على الارهاب والحرب على صدام حسين والتعنت الامريكي واصرار ادارة بوش التغاضي عن كل السلبيات التي ظهرت بداء من حرب افغانستان وصولا الى حرب العراق مرورا بعدة محطات كالقضية الفلسطينية وحكومة حماس وحرب حزب الله مع اسرائيل ودارفور والملفات الساخنة التي طفت على السطح من معتقل غوانتانامو وسجن بوغريب ومارافقها من انتهاكات مست مصداقية حقوق الانسان في الجيش الامريكي كل هذه الامور وغيرها الكثير مما اوردها الكاتب الصحفي الامريكي بوب وود ورد في كتابة حالة نكران القت بضلالها على سير مجريات الاحداث في الاسبوع الاخير ، فكان الحدث الذي سيطر فية الديمقراطيين على اغلبية مقاعد الكونغرس الامريكي وانتزاعهم المجلس من الجمهوريين بعد سيطرة دامت لمدة اثنى عشر عاما منذ عام 1994 ، الان اصبح لزاما على الرئيس الامريكي تغيير بعض اركان حكومته وتغيير سياسته في العراق وتغيير استراتيجيات السياسة الامريكية في التعامل مع شعوب العالم وسياسات التعامل مع ملفات الاحداث بما يتلائم مع توجهات الحزب الديمقراطي ، فلاول مرة منذ تولية الرئاسة الامريكية في 2001 سيواجه بوش معارضة قوية من الكونغرس وعلية ان يبدي بعض الليونة والمرونة والمقاربة مابين الحزبين الجمهوري والديمقراطي لحين انتهاء ولايتة في يناير 2009 م، ولن ينفرد بوش بعد الان باتخاذ القرارات بنفسة فلقد اصبحت الاغلبية للديمقراطيين مما يضع قرارات بوش تحت مجهر التدقيق والمراقبة . سياسة الرئيس الامريكي بوش الداعية الى التمسك بالعراق والبقاء فية لحماية الولايات المتحده ستلاقي تعديلا في تحديد جدول الاعمال وطرح بدائل اخرى ومن المتوقع ان تشهد المرحلة القادمة تغييرا استراتيجيا في السياسة الامريكية لن يكون بالضرورة الخروج من العراق وانما سياسة ستخفض من التقارير اليومية عن عمليات اراقه الدماء وارتفاع الخسائر في الارواح بين القوات الامريكية ولن يؤثر ذلك في خفض التمويل للعراق لان عددا كبيرا من الامريكيين يعارض هذه الخطوة والتي دعا اليها الديمقراطيين لما لهذا الخفض في التمويل من تأثير سلبي على القوات الامريكية المتواجده في العراق وتعريضها للخطر. هذا على صعيد التغيير في السياسات الامريكية الخارجية اما على صعيد اعادة ترتيب البيت الابيض فقد اعلن بوش عن قبول استقالة رامسفيلد وزير دفاعة زعيم الصقور المتحصن بالبنتاغون والاعلان عن ترشيح روبرت جيتس خلفا له والاخير من رجالات بوش الذين يعدهم من افضل مسئولي أجهزة الامن خبرة في الولايات المتحده باعتبارة مدير وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية الا ان هذا الترشيح لابد ان يخضع لموافقة الكونغرس الامريكي حتى يتمكن جيتس من تولي مهام منصبة الجديد في البنتاغون ، ومن المعروف ان رامسفيلد وديك تشيني نائب الرئيس الامريكي قد اثارا لغطا كبيرا حول رسم السياسة الامريكية ومواقفهم المتشدده في حرب العراق والخسائر التي تكبدها الجيش الامريكي المتواجد في العراق وقد ظل بوش متمسكا بهما رغم ارتفاع الاصوات المطالبة باقالتهما معتبرا ان رامسفيلد المهندس الاساسي في حربه على صدام حسين ، وكان من المعروف سلفا راي الديمقراطيين في رامسفيلد فكان من الاجدى قبول استقالته اما ديك تشيني فمازال بوش مصرا على بقاءة ويتمتع بثقته وسيبقى في نفس منصبه وقد جوبه دونالد رامسفيلد بعدة انتقادات منها من عدد من جنرالاته لتجاهلة لاستشاراتهم العسكرية وتسييرة لشؤون الوزارة عن طريق الابتزاز كما اعلنوا ذلك في ابريل 2006 م وكان رد رامسفيلد وهو المصارع السابق في جامعة برينستون بانه اذا لم تتعرض للانتقادات فأنت لاتقوم بعملك على الوجه الصحيح وفي موقف اخر وجه اليه احد جنود البحرية الامريكية ذات مرة نقدا مباشرا بدعوى ان التجهيزات التي تقدم للجنود الامريكيين في ساحات المعارك غير مناسبة ناهيك عن الامر الذي اثار حفيظة قدماء المحاربين في الجيش الامريكي الذين صبوا علية جام غضبهم لانه كان يستخدم آلة نسخ التوقيعات في رسائل العزاء التي ترسل لاسر القتلى من الجنود الامريكيين اضافة للانتقادات المعروفه والمتعلقه بسجن بوغريب والانتهاكات في معتقل غوانتانامو ومااعتبر من تصريحات غير مستنده الى معلومات عن وجود اسلحة نووية في العراق وعلاقة صدام حسين برئيس تنظيم القاعدة اسامة بن لادن .
انتخابات التغيير في الكونغرس الامريكي حملت معها نانسي بيلوسي لتكون النائبة الديمقراطية المرشحه لتولي منصب رئيسة مجلس النواب والتي اعلنت من فورها بان على الجميع الاعتراف بان السياسة الامريكية المتبعة حيال العراق كانت فاشله وان على رامسفيلد ان يتحمل المسؤولية ودعت الى نهج جديد في التعامل مع الحرب في العراق ، بيلوسي تعتبر اول سيدة تتولى منصب رئاسة المجلس بعد الفوز الذي حققه الديمقراطيين واقترحت في حملتها الدعائية رفع الضرائب ومساعدة المهاجريين غير الشرعيين ودعم زواج المثليين بين ابناء الجنس الواحد اضافة الى تبنيها لتوصيات لجنة الحادي عشر من سبتمبر ورفع الحد الادنى للاجور والتوسع في الابحاث الجينية وقد صعدت بيلوسي لرئاسة المجلس خلفا لرئيس المجلس الحالي الجمهوري هاستيرت الذي يشغل المنصب منذ 1999 وحسب الدستور الامريكي تصبح بيلوسي الشخص الثاني المؤهل لخلافة الرئيس الامريكي جورج بوش بعد نائبه الحالي ديك تشيني وقد سبق لبيلوسي البلغة 66 عاما ان دخلت التاريخ بعد فوزها بانتخابات زعامة حزب الديمقراطيين عام 2002 لتصبح اول سيدة تتولى هذا المنصب وهي التي تمثل مقاطعتها سان فرانسيسكو في الكونغرس الامريكي منذ عام 1987 وسيقع على عاتق بيلوسي تعيين سياسيين للاشراف على مؤسسات رئيسه في البلاد الى جانب مهامها كرئيسة للمجلس
وعن موقف العرب والمسلمون الامريكيون من انتخابات التجديد النصفي للكونغرس فقد تغيرت مواقفهم عما كانت علية قبل ست سنوات عند اظهارهم التأييد القوي لجورج بوش عام 2000 والذي كان حاسما في بعض الولايات وهم الذين يقترب تعدادهم من ربع مليون نسمه في محيط العاصمة واشنطن فقد كانوا يتوقعون ان يكون بوش مثل والدة في موقفه من اسرائيل وامكانية الضغط عليها ، الا ان احداث الحادي عشر من سبتمبر وماتلاها من حرب على الارهاب وحرب العراق جعلتهم في دائرة الضوء ففضلوا ان يناؤ بانفسهم عن الدوائر السياسية ورغم تنافس الحزبين على استمالة اصوات الاقليات العرقية والدينية الا ان العرب والمسلمون وجدوا انفسهم او اغلبيتهم تؤيد الحزب الديمقراطي طوعا دون ان يخطب ودهم احد ، وللمرة الاولى انتخب الامريكيون نائبا مسلما من اصول افريقية عن الحزب الديمقراطي ويفوز بمقعد في مجلس النواب عن ولاية مينيسوتا ، كيث اليسون والذي شدد على ضرورة الانسحاب الفوري للقوات الامريكية من العراق وفيما يتعلق ببيان اليسون الانتخابي فقد دعم حقوق المثليين وحق المراة في الاجهاض معارضا بذلك مواقف اليمين الاسلامي الامريكي ، اما عن موقفه من الازمة الفلسطينية – الاسرائيلية فهو لايختلف كثيرا عن مواقف الادارات الامريكية المتعاقبه معتبرا ان حماس هي العائق الاكبر امام تحقيق السلام وقيام دولتين وتطبيق خارطة الطريق وعن راية في الملف النووي الايراني فهو يرى ان ايران هي الداعم الاول للارهاب الدولي ويجب منعها من حيازة السلاح النووي ، ورغم ان اليسون لم يبرز انتمائه الديني خلال حملته الدعائية بالانتخابات الا انه تعرض لهجمات على خلفية علاقته بجماعة امة الاسلام المتهمة بالعنصرية ومعاداة السامية الا انه اسرع الى ادانة مواقف امة الاسلام وبرر ذلك بانه لم يكن يدرك موقف زعيمها بالكامل
رغم كل ذلك ومايظهر من اختلاف وتباين وجهات النظر والصراع على من يقود من فان الغاية تضل واحده " المهم هو حماية الولايات المتحدة " كما ردد بوش في نهاية يوم الثلاثاء السابع من نوفمبر وضمان مصالحها وتدفق مواردها وبسط سيطرتها وهيمنتها على العالم .
فايز علي يوسف
Fayiz.ali @hotmail.com